صور معالم فرنسا و باريس
لعله أول صورة تعبر ذهن الواحد منا حين يُذكر اسم باريس، والبرج عبارة عن تركيبة هندسية معمارية من الحديد أطلق عليها إسم بانيه المهندس الكسندر غوستاف إيفل, وانتهى العمل فيه عام 1889 بعد مضى اكثر من عامين، وكان قد تم تشييده بمناسبة المعرض الكونى الأول. وظل يعتبر أعلى ما بناه الإنسان لمدة 40 عاما (حتى بناء الأمباير ستيت بلدنغ فى نيويورك)، وقد اثار بناء البرج حينها كثير من اللغط والإحتجاجات. إذ أعتبره عدد من الكتاب والفنانين تشويها لتناسقية وجمال العاصمة, وهو حاليا من أكثر المعالم السياحية التى يزورها السواح من مختلف انحاء العالم (قرابة الأربعة مليون زائر سنويا), ويتكون هيكل البرج الضخم من 15 الف قطعة من الصلب ، ويزن قرابة الـ 7000 طن ، بالإضافة الى انه يلزم حوالى 50 طنا من الطلاء لدهنه . ولقد احتفلت العاصمة منذ سنوات بمرور قرن على إقامته إحتفالا كبيرا, ويقع الطابق الأول من البرج البالغ إرتفاعه 300 متر على إرتفاع 57 مترا وفيه المتحف السمعى البصرى المخصص لقصة تشييده ، بالإضافة الى العديد من الصور والوثائق ، ويوجد فى الطايق الثانى (الذى يقع على إرتفاع 115 متر) عدد من المطاعم ومحلات بيع التحف التذكارية . اما الطابق الثالث و الأخير فيقع على إرتفاع 274 متر ، وفيه متحف يضم مكتب المهندس إيفل . ويمكنك من هذا الطابق ، حين يكون الطقس صحوا ، إلقاء نظرة (بانورامية) على باريس والتمكن من رؤية أماكن تقع على بعد 60 كيلومترا, وفى البرج عدد من المصاعد الكهربائية التى تمكنك من زيارة طوابقه الثلاثة (مقابل تسعيرة دخول) ، إلا انه يمكنك الصعود مجانا على الأقدام بركوب الـ 1653 درجة ... ويوجد تحت البرج تمثال نصفى مذهب صغير لمهندسه الكسندر غوستاف إيفل, ومن الطريف أن إختراع البرق واللاسلكى ، وأرتفاع البرج ، أنقذاه من الفك والإنتهاء فى مصانع صهر الحديد ... فأرتفاعه جعل منه هوائيا ممتازا مكّن من إستغلاله فى البث الإذاعى (1918) ثم البث المرئي التليفزيونى (1957), ولا يعنى وزن البرج الثقيل عدم (رشاقته) ، فثقله على الأرض لا يتجاور الـ 4 كيلوغرام للسنتيمتر المربع ، ولقد خضع فى الثمانينات الى عملية إنقاص وزن فقد فيها 4 طن. وتتم إضاءة البرج داخليا (داخل هيكله نفسه) منذ سنة 1986، وكانت تتم قبلها بتسليط الأضواء عليه من الخارج, وأخيرا بإستطاعتك زيارة برج إيفل الواقع فى واحد من أجمل ميادين العاصمة (ميدان تروكاديرو) فى جميع أيام الأسبوع من الساعة التاسعة والنصف صباحا وحتى منتصف الليل (صيفا). ومن الساعة التاسعة والنصف صباحا وحتى الحادية عشر مساءا فى بقية فصول العام.
قوس النصر
بدأ العمل فى قوس النصر L'Arc de Triomphe فى بداية القرن التاسع عشر، وأراده نابليون بونابرت رمزا يخلد إنتصارات الجيوش الإمبراطورية. إلا أن إنجازه الفعلي تم سنة 1836 ايام لوي فيليب Louis Philippe, وقام بتصميم القوس الذى يبلغ إرتفاعه 49,50 متر المهندس شالغران على هضبة (شايو) ليكّون مركز نجمة تنطلق منها خمس جادات رئيسية ، أضيفت اليها فيما بعد ، أثناء إعادة تخطيط العاصمة على يد البارون هوسمان سبع جادات كبري (1854), ويحمل القوس على واجهاته عدد من المنحوتات ، أشهرها المرسيلية ، وهى من أعمال النحّات رود ، ويحيط بأعلاه نحت لمئات الجنود بإرتفاع مترين, وإزداد عمق الرمز معني ، بسقوط جندى فى المكان فى (11 نوفمبر 1920)، ومنذها وعلى تمام الساعة السادسة والنصف تماما تجدد مجموعة من المحاربين القدامي إشعال لهب الجندى المجهول فى حفل رسمى, وبإمكانك عبور النفق (تحت ساحة شارل ديغول ، وهو الاسم المطلق على الميدان ) للوصول الى القوس ، كما يمكنك زيارة المتحف الصغير الموجود داخله ، أو الصعود الى السطح لإلقاء نظرة تتبين لك من خلالها مدى جمال الساحات المحيطة به ، وسيمكنك من ناحية رؤية المنظور الكامل لجادة الشانزاليزيه الممتدة حتى ميدان الكونكورد وحدائق التويلرى الواقعة خلفه ، وفى الإتجاه المعاكس رؤية جادة لا جرانت أرمى La Grande Armée الممتدة حتى منطقة لاديفانص La Défense حيث يوجد قوس لاديفانص الكبير.
الشانزاليزيه
إذا كان اسم برج إيفل هو اول ما يعبر المخيلة عند نطق إسم باريس ، فإن جادة الشانزاليزيه هى أكثر ما يرسخ فى الذاكرة ساعة مغادرة المدينة ، فهى دون مبالغة من أجمل الجادات فى العالم ، إن لم تكن أجملها على الإطلاق,وحين تسير فى تلك الجادة الواسعة الرحبة والجميلة ، فستسمع كل لغات الأرض ، وترى جميع أجناس البشر .... فالمكان مميز بوجه خاص، ولا مثيل له, والجادة دون شك، واحدة من أحلى واجهات ياريس العديدة والمتمايزة، التى يزورها الناس فى جميع الفصول ، وتغمرها الحياة ليلا ونهارا. ولا تعد ولا تحصي فيها المحلات من جميع الأنواع، بالإضافة الى المقاهى الكبيرة (وبعضها مشهور دوليا)، والمطاعم ودور العرض السينمائية والمسارح ، والمصارف ومكاتب شركات الطيران ومعارض بيع السيارات ... وفى الجادة مثلا اكبر محلين لبيع الإسطوانات واشرطة الفيديو (الفناك وفيرجن) ومحل اعرق العطور الفرنسية (غيرلان) واكبر محل للعطور فى العاصمة (سيفورا), أما بيوت الأزياء الكبرى، فأختارت الجادات والشوارع القريبة والمتاخمة للشنزاليزيه مكانا لها, والجادة محل المظاهرات الرسمية والشعبية بالدرجة الأولى، ففيها يقام العرض العسكري السنوي، تخليدا لذكرى سقوط سجن الباستيل (وتنطق الباستي بالفرنسية) في 14 يوليو 1892، وفيها تنتهى كل عام جميع المظاهرات الرياضية الكبرى (كسباق الدرجات وماراثون باريس), وفيها أيضا يلتقى الفرنسيين للإحتفالات الشعبية (كليلة رأس السنة التى احتشد فيها اكثر من مليون شخص للإحتفال بنهاية عام 2000، وقرابة المليون واربعمائة ألف شخص يوم فازت فرنسا ببطولة العالم لكرة القدم فى يوليو 1998), وهى ككل ركن من أركان المدينة ذات تاريخ عريق، ففى سنة 1667 تم تمديم (المنظور) البادئ فى حديقة التويلرى.. إلا أن المكان لم يأخذ إسمه الحالي قبل سنة 1709، وظل يعتبر فى نهاية القرن 18 كمكان غير آمن ولا آهل... وحين قام البلاط بمنحه للمدينة عام 1828، تم رصفه وإضائته بالمصابيح الغازية... ثم ولسبب غير واضح، إختارته المؤسسات التجارية مقرا لها، ليصبح مكان نزهة الأرستقراطية الباريسية المفضل, ويبلغ عرض الجادة 71 مترا. إلا أنها ليست أكثر جادات باريس عرضا، فعرض جادة فوش القريبة يبلغ 120 مترا.
وتنطلق جادة الشانزاليزية من ميدان الكونكورد وتنتهى فى ميدان شارل ديغول عند قوس النصر، ويمكننا إعتبارها مقسمة الى قسمين : من ميدان الكونكورد الى جزيرة دوران الشنزاليزية ، التى تعبرها جادة شهيرة أخرى هى (ماتينيون). ثم من جزيرة الدوران الى قوس النصر.
القسم الأول : ويوجد به ميدان كليمانصو Place Clémenceau الذى يقود الى القصرين الكبير والصغير Petit Palais et Grand Palais (بنيا بمناسبة معرض 1900 الكونى) والى قصر الإكتشاف Palais de la Découverte. والقصر الصغير هو الآن مقر متحف باريس للفنون الجميلة Musée des Beaux-Arts de la ville de Paris أما قصر الإكتشاف فيضم متحف للتبسيط العلمي، وقبة سماوية Planétarium.
القسم الثانى : يكاد يكون تجاريا بالكامل ، وفيه عدد من المقاه الباريسية الشهيرة وملهى (الليدو) المعروف ، وعدد من المحلات التجارية المتنوعة والمختلفة.
بومبيدو
يقع مركز جورج بومبيدو للفنون والثقافة (والمركز معروف بإسم بوبور ، ويستقبل قرابة الـ 30 الف زائر يوميا) فى قلب باريس التاريخى ، غير بعيد عن حي ليهال وفى منطقة مخصصة كلها للمشاة, وكان الرئيس الفرنسي الراحل جورج بومبيدو (1911-1974) قد قرر سنة 1969 إقامة مركز ثقافى هام فى منطقة بوبور - وبوبور أسم حي كان يقع داخل باريس ويرجع الى عهد فيليب أوغوست - ، فتم عرض المشروع على شكل عطاء عالمى شاركت فيه قرابة 45 دولة تقدمت بـ 650 مشروع معمارى ، وبدأ العمل فى شهر أبريل 1972 حسب مشروع المهندسين رينزو بيانو الإيطالي و ريتشارد روجرز البريطانى وأستمر قرابة الخمس سنوات ، وبالتحديد حتى 31/01/1977 حيث تم إفتتاح المركز رسميا, ويشغل المبنى مساحة تقارب الألف متر مربع ، ويعتبر (تثويرا) لمفهوم المعمارية المدنية التقليدى ، فهو يضع ما يوجد عادة (فى الداخل) خارج هيكلية المبنى ذاته . أى أن أنابيب التهوية ، والكهرباء والمصاعد الكهربائية والسلالم الآلية ظاهرة ، وتأخذ مكانها بوضوح على واجهات التركيبة الهيكلية المعدنية للمبنى. وتتميز كل واحدة منها بلون معين ( وبحيث يزيد التواجد الخارجى لتلك الملحقات من حجم مساحة الحيز الداخلى ويسهّل عمليات تقسيم قاعاته حسب احتياجات المعارض التى تقام فيه ), وتتمايز انابيب الملحقات البادية على الواجهة ، فاللون الأزرق لأنابيب التهوية ، والأصفر للكهرباء والأخضر للمياه .... ويطبق نفس التمييز بإستخدام الألوان على تقسيم نشاطات المركز، فالأصفر للأماكن المشتركة ، والأخضر للمكتبة العامة والأحمر للمتحف الوطنى للفن الحديث, ويضم المركز من ضمن ما يضمه هذا المتحف الهام الذى يشغل الطوابق الثلاثة العليا والذى يهتم بعرض أهم الأعمال الفنية البارزة لبعض مدارس وفناني القرن العشرين ( بيكاسو - ماتيس - كاندنسكى - كليه ... ومدارس التكعيبية - الوحوش -...) بالإضافة الى تخصيص مواسم كاملة للتركيز على اعمال فنان معين أو التركيز على فنون وثقافة بلد ما, وعلى الرغم من تفرد معمارية المركز، فأنه يظل تابعا لمفهوم المعمارية الفرنسية التقليدى، فهو تركيبة معدنية (كبرج إيفل) يبلغ وزنها 10 طن (مقابل 7 طن فى برج إيفل), وتضم مكتبة المركز اكثر من مليون كتاب ووثيقة وميكروفيلم... ومعامل لتعليم معظم اللغات (مجانا)، ومكتبة وثائق سمعية بصرية. ويمكنك من العثور فى المكتبة على عدد لابأس به من الكتب والصحف العربية, ويوجد فى المركز ايضا (معهد بحوث التوافق الصوتى الموسيقى) بالإضافة الى (مركز الإبداع الصناعى), وأمام المركز الواقع فى منطقة سياحية من الدرجة الأولى ، توجد ساحة ضخمة ، يلتقى فيها الفنانيين والموسيقيين والمهرجين ... ويحيط بالمركز بالطبع عدد كبير من المحلات التجارية والمطاعم والمقاهى, وتلاصق المركز نافورة مائية كبيرة مزينة بالمنحوتات المعدنية الحديثة ذات الألوان الباهرة التى تستحق الزيارة. والتى تشغل معظم مساحة الميدان الواقعة فيه (ميدان إيغور سترافنسكي).
ميدان الكونكورد
يمتاز الميدان بموقعه الخاص فى قلب العاصمة ، ومنه تبدأ جادة الشانزاليزيه المعروفة . وهو بشكل ما إمتداد لحدائق التويلرى ، وتطل عليه شرقا كنيسة لامادلين ، وغربا مبنى مجلس النواب ، فى حين تتوسطه مسلة فرعونية (من الأقصر بمصر ، أهداها السلطان محمدعلى لشارل العاشر عام 1829 إلا انها لم تصل باريس قبل عام 1833 فى عهد لوي فيليب ، ويبلغ طولها 23 مترا ووزنها 220 طنا), ولقد شهد الميدان أحداثا تاريخية هامة ، لعل أهمها إنتصاب المقصلة فيه ، قرب بوابة حديقة التويلرى ، وسقوط رؤوس قرابة 1300 شخصا, وفى الميدان نُفذ حكم الإعدام بقطع الرأس فى الملك (لويس) لوي السادس عشر وفى الملكة ماري أنطوانيت ، بالإضافة الى عدد آخر من شخصيات البلاط الهامة ، ثم وحين بدأت الثورة تأكل أولادها فى دانتون وجماعته ثم فى روبسبيير نفسه, ويطل على الميدان مبنى هوتيل دو لامارين (وزارة البحرية) ومبنى فندق الكريون وهو من أشهر وأرقى الفنادق الباريسية وأغلاها سعرا . وكلا المبنيين من اقدم مبانى الميدان, وكان الميدان يسمى بميدان لوي الخامس عشر ، ثم وفى عام 1792 ، أصبح ميدان الثورة .. وبإزالة المقصلة عام 1795 بعد إنتهاء تلك الحقبة الدموية ، أطلق على الميدان إسمه الحالى, (الكونكورد تعنى : الألفة أو الود أو الوفاق), وتزين الميدان نافورتان جميلاتان على طراز نافورات الفاتيكان ، بالإضافة الى ثمانية تماثيل ترمز الى ثمان مدن فرنسية, خارج الموضوع, حين أخترع غليوتان GUILLOTIN المقصلة وأثناء عرضه لإختراعه على الملك لوي السادس عشر ، أقترح الملك على المخترع ان تكون القاطعة بزاوية حادة ، بدلا من الزاوية القائمة التى فى الإختراع الأصلى ، تسهيلا لعملية قطع الرأس. ووافق المخترع وتم التعديل, ولقد نفذ حكم الإعدام بقص الرأس فى كل من الملك وصاحب الإختراع بذلك الإختراع : اى المقصلة.
ليهال
دليل ناجح على مدى فعالية التخطيط المدني لتغيير مفهوم حي بأكمله ، وإحلال حي آخر مكانه . دون أن يفقد الحي الجديد شيئا من حيوية الحي السابق له, فقد كان حي ليهال قبل سنة 1969 - كما سماه الكاتب الفرنسي إميل زولا - (بطن باريس).أو سوق الخضار واللحوم والأسماك الرئيسي للعاصمة الذى تم نقله الى خارجها بسبب مشاكل المرور الضخمة التى كان يسببها ، ولقد كان السوق يتكون من ست مبانى ضخمة من الحديد ، ويقع فى واحد من أقدم أحياء العاصم وأكثرها حوية ونشاطا, إلا أن حي ليهال كما نعرفه اليوم لم يفقد شيئا من حيوته القديمة ، فبعد إفتتاحه رسميا فى 4/9/1979 ، ها هو الآن واحد من أنشط وأحلى معالم باريس, كان قد تم حفر ثقب ضخم لمدة ثمانية أشهر - لإستخراج مليون متر مكعب من التربة يوميا - تجهيزا لإعداد شبكة مواصلات ضخمة وشديدة التعقيد (محطة ربط رئيسية للمترو والقطارات السريعة وشبكة طرق)وتشييد ما يسمى اليوم بـ (فوروم ليهال),والفوروم عبارة عن هرم مقلوب ، مما يسمح بإضاءة جميع المحلات المتواجدة داخله بالإضاءة الطبيعية ، وهو يشبه مدينة تحت الأرض ، بشوارعها وصالاتها السينمائية ومتاحفها, ويتكون الفوروم من أربعة مستويات تحت أرضية : المستوى الأول مخصص لمحلات الملبوسات والثقافة (متحف غريفان ومتحف التصوير المجسم) والثانى لمستلزمات البيت والديكور والمجوهرات والرياضة والموضة. اما الثالث فللأزياء والكتب والموسيقي (حوالى 70 محلا). واخيرا الرابع وهو أصغرها ، فيضم مكتبا صغيرا للبريد ومداخل المترو والقطارات السريعة, وفى مرحلة تالية تمت إضافة مجموعة أخرى من المحلات ، وعشرين قاعة عروض سينمائية ، ومكتبة باريس للفيديو, وخارج الفوروم حدائق ومطاعم ومقاهى ، وهو يقع فى منطقة مخصصة بالكامل للمشاة, وتطل على الحدائق الخلفية (خلف الفوروم) كنيسة سانت أوستاش ، ومبنى الغرفة التجارية لباريس ... وتحيط جميعها بميدان دائرى فسيح تزينه النافورات ، ويتوسطه التمثال البادى فى الصور المرفقة.
بلدية باريس
يرجع تاريخ هذا المبنى الرائع المزين بـ 136 تمثالا لعدد من الشخصيات الشهيرة الى سنة 1837. وهو مقر عمل عميد بلدية العاصمة الذى يدير منه شؤونها ، ويستقبل فيه زوارها الرسميين, وكانت الساحة الواقعة أمامه - والتى كانت تسمى بميدان الإضراب (عن العمل) ، أو بلاص دو غريف Place de Grève - مكان تنفيذ أحكام الإعدام قبل قيام الثورة : (شنقا للعامة ، بقطغ الرأس بالمقصلة او بالسيف أو الفأس للموسرين ، أو حرقا للسحرة), إلا أن إنتخاب ممثلى الشعب لإدارة المدينة لم يتحقق قبل القرن الثالث عشر ، وكان قبلها ممثل يعينه الملك هو من يتولى هذه المهمة, والمكان رمز سياسي هام ، فالسيطرة عليه ، تعنى بشكل ما السيطرة على كامل العاصمة ، وبعد سقوط سجن الباستي (الباستيل) فى يوليو 1789. إستولى المتمردون على مبني البلدية ، وقتلوا شيخ تجارها بسبب مماطلته بمدهم بما كانوا يطالبون به من سلاح, أيضا سيطرت حكومة الكومون على المكان وأوت فيه روبسبيير الذى كان مبعدا فى لكسمبورغ, ومن نوافذه أطلقت قوات المقاومة الفرنسية الوطنية - بعد إستيلائها على المكان - نيرانها على قوات الإحتلال النازية ، تمهيدا لدخول قوات الحلفاء ، لبدء تحرير المدينة ، ثم كامل البلاد, ويقع المبنى (الذى يمكن زيارته من الداخل كل يوم إثنين من كل أسبوع عند العاشرة صباحا من المدخل الشمالى الواقع خلفه والموجود فى شارع لوبو Rue LOBOU). غير بعيد عن كاتدرائية نوتردام ووسط حي تجارى ضخم ، وتطل الواجهة الغربية على شارع ريفولى Rue de Rivoli التجارى المعروف, الذى يبدأ عند الباستيل ، وينتهى عند حديقة التويلري, أما الساحة الفسيحة أمام المبنى فمكان إقامة إحتفالات شعبية ضخمة ، كالإحتفال الشعبي بالعيد الوطنى فى الرابع عشر من شهر يوليو كل عام ، حيث تلتقى جموع المحتفلين للرقص على الموسيقي ، فى حفل شعبي حقيقي ينتهى دائما عند مطلع الفجر ، فى جو يسوده المرح والسعادة.
معهد العالم العربي
أهم واجهة ثقافية للحضارة العربية خارج الحدود الجغرافية للوطن العربي ، وتحفة هندسية معمارية يلتقى فيها الشرق بالغرب ، أما أهدافه فــ ( التعريف بالحضارة العربية وتجسيد جسر ثقافى بين العالم العربي وفرنسا عبر تعميق دراسة ومعرفة لغة وحضارة العالم العربي ، وتطوير ودعم التبادل الثقافى فى مجالات التقنيات والعلوم ، وبالتالى تطوير العلاقات بين العالم العربي وفرنسا وبينه وبين أوربا), ونتطرق هنا للمعهد كمعلم سياحي من معالم العاصمة ، يتردد عليه عدد كبير من السواح من مختلف الجنسيات . ويرتكز المبنى على مساحة 2750 مترا مربعا ، ويقع فى قلب العاصمة التاريخى ، غير بعيد عن كاتدرائية نوتردام الشهيرة. وكان قد تم إفتتاحه فى شهر ديسمبر 1987 . أما هندسته فخلاصة لتلاقى الحضارتين العربية والفرنسية ، ولن يخفى عن الزائر تأثر معماريته بفن العمارة العربية, دون غياب التأثير المعمارى الغربي الحديث ... فالواجهة الشمالية تشبه مرآة تعكس منظر الأبنية المواجهة له ، فى حين تمتزج التقنية بالتراث من خلال الواجهة الجنوبية المحلاة بمئتين وأربعين مشربية تُفتح وتُغلق حسب كمية الضوء الساقط عليها بفضل عدد من الخلايا المتأثرة بالضوء, ويضم المبنى بالإضافة إلى المكتبة (التي يتردد عليها أكثر من 15 الف زائر شهريا, والتى تضم أكثر من ستين ألف كتاب وأكثر من ألف مطبوعة دورية ، تعنى جميعها بالثقافة والحضارة العربيتين) متحف دائم يحتوى على عدد من المخطوطات القرآنية والإسطرلابات ويعرض مجموعة من التحف الأثرية ... هذا بالإضافة إلى قسم سمعي بصري وصالة عرض سينمائية، ومكتبة تجارية تحتل منتصف الطابق الأرضي بالإضافة إلى مطعم في الطابق العلوي، يطل (بانوراميا) على المعالم المحيطة، وتتمكن منه من إلقاء نظرة فريدة على خلفية كاتدرائية نوتردام, وتقام فى المعهد بصورة مستمرة إعداد من المعارض الهامة المخصصة أحيانا للتعريف ببلد معين أو معارض عامة كمعرض الكتاب العربي ، بالإضافة إلى استضافته لعدد هام من المظاهرات الفنية والثقافية, والمعهد مفتوح جميع أيام الأسبوع عدى يوم الاثنين وذلك من العاشرة صباحا وحتى السادسة مساءا . أما المكتبة العامة، فمقفلة يومي الأحد والاثنين، وهى تستقبل القراء من الواحدة بعد الظهر وحتى الثامنة مساءا.
ليزأنفاليد.. les invalides
كان لوي (لويس) الرابع عشر قد قرر بناء هذا المجمع سنة 1671 الذى يضم كنيسة القديس لوي لإيواء العجزة والمسنيين ، ومن هنا إسمه (invalides تعنى العجزة). ويبلغ طول الحديقة المواجهة له 488 مترا وعرضها قرابة 250 مترا. وفيها عدد من المدافع البرونزية التى ترجع الى القرنين 17 و 18 ، بالإضافة الى 18 مدفعا من (مدفعية الإنتصار) التى يتم إطلاق نيرانها فى المناسبات الهامة, فى صباح 14/7/1789 (الثورة) ، قامت مجموعة من المتمردين بالهجوم على المكان بحثا عن السلاح ، وحاول المحافظ (سامبرول) التفاوض معهم ، دون جدوى .. إذ تمكن المهاجمين من الإستيلاء على 28000 بندقية, وتبلغ طول واجهة المبني 195 مترا ، ويتوسطها المدخل الضخم الذى يعلوه تجسيم حائطى يمثل لويس الرابع عشر محاطا بـ (العدل) و (الحذر), ويوجد مدخل متحف الجيش المكون من 3 طوابق ، فى واحد من المبانى المحيطة بالساحة ، وهو يضم أغني مجموعة تحف عسكرية فى العالم ، بالإضافة الى متحف مخصص للخرائط المجسمة (خرائط مدن وموانئ وقلاع فرنسية واوربية) ، كما يضم متحف التحرير الذى يروى بالوثائق وقائع تحرير فرنسا من الإحتلال النازى فى الحرب العالمية الثانية, وتعتبر القبة الضخمة التى تعلو المبنى من أهم التحف المعمارية فى القرن السابع عشر وتوجد قمتها على إرتفاع 107 مترا من على سطح الأرض (كان قد تم تزيينها بطبقة من الذهب بمناسبة الإحتفال بالذكرى المئوية الثانية لسقوط سجن الباستيل). كما يوجد داخل المبني قبر نابليون وقبور مجموعة من القادة العسكريين (فوش ، فوبان ...) ، وبعض أفراد أسرة نابليون بونابرت, وغير بعيد عن الأنفاليدز ، يوجد مقر متحف النحات رودان و هوتيل ماتينيون مقر عمل رؤساء الوزارات الفرنسية منذ سنة 1959, والمجمع مفتوح للزيارة خلال الفترة من أول أكتوبر وحتى نهاية مارس من العاشرة صباحا وحتى الخامسة مساءا ، وبقية ايام العام من العاشرة صباحا وحتى السادسة مساءا ، ويقفل أبوابه فى اول يونيو واول مايو واول نوفمبر و25 ديسمبر واول يناير . أما الدخول إليه فمجانى.
بعد سبع سنوات من المفاوضات الهامة مع الحكومة البريطانية ، وفى عام 1840 تم إدخال رفات نابليون بونابرت الى ليزأنفاليد ، وذلك بعد أن أرسل لويس فيليب إبنه (أمير جوانفيل) الى جزيرة سانت هيلين على متن الفرقاطة (لابل بول)، وبوصوله فى 8 أكتوبر 1840 ، تم فتح القبر والتابوت لمدة دقيقتين حيث بدي جثمان الأمبراطور المتوفى منذ تسعة عشر عاما فى حالة حفظ جيدة, وتم نقل الجثمان عبر الهافر ، ثم نهر السين ، وصولا الى كوربفوا قرب باريس, وأقيمت الجنازة الرسمية فى 15/12/1840 ، وعبر النعش المحمول على عربته قوس النصر ثم جادة الشانزاليزيه وصولا الى ليزانفاليد, وعرض جثمان الأمبراطور لمدة ثلاثة أشهر ، بإنتظار بناء القبر الذى تولي تصميمه المهندس فيسكونتى ، ليستقر به الجثمان رسميا فى 3/4/1861 ، تحت مركز قبة المجمع تماما, والمكان بالطبع فى غاية الأبهة والجمال ، وتم وضع الجثمان فى ستة نعوش متداخله ، أولها ، وهو الذى يضم الجثمان مباشرة من الحديد الأبيض ، والثانى من الأكاجو (خشب يميل الى الإحمرار) ، ثم الثالث والرابع من الرصاص ، والخامس من خشب الأبنوس ، والأخير من خشب